الأنفلونزا
النزلة الوافدة (الأنفلونزا – Influenza) هو مرض فيروسي يتميز بالتفشي الموسمي ، على نطاق واسع . المسبب له هو فيروس الأنفلونزا الذي ينتقل من شخص إلى آخر عن طريق الجهاز التنفسي .
مميزات الأنفلونزا
- الموسمية الثابتة : يسبب فيروس الأنفلونزا النزلة الوافدة في فصل الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية ، في فصل الصيف في النصف الجنوبي وفي المواسم الماطرة في المناطق الاستوائية .
- القدرة على التغير : يغير فيروس الأنفلونزا بوتيرة عالية بنية البروتينات التي على سطحه بحيث يخدع جهاز المناعة الذي كان قد أنتج أجساما مضادة ضد الصيغة السابقة منه . وهكذا يمكن أن يصيب مرض النزلة الوافدة الشخص نفسه أكثر من مرة واحدة .
- انتشار المرض على نطاق واسع : عندما يتفشى الأنفلونزا فإنه يصيب عددا كبيرا جدا من الأطفال والبالغين (نحو ثلث الأطفال و 10٪ من البالغين) مما يؤدي إلى غيابات متكررة عن العمل والمدرسة ويخلق ضغطا شديدا على المستشفيات والعيادات .
دورة الحضانة (Incubation period) لمرض النزلة الوافدة قصير اقل من (1-4 أيام) ، بعد فترة الحضانة تبدأ بالظهور الاعراض التالية : الصداع ، القشعريرة ، السعال ، ولاحقا درجة حرارة مرتفعة ، مُخاط (mucus) وأوجاع في العضلات . درجة الحرارة المرتفعة تستمر بين 3-6 أيام ، لكن السعال المصحوب بالبلغم يمكن أن يستمر حتى أسبوعين .
المصاب بالأنفلونزا يمكن أن ينقل العدوى في الفترة الممتدة من يوم – يومين قبل ارتفاع درجة حرارته وحتى 5 أيام بعد ارتفاعها .
علامات مرض الأنفلونزا والأعراض التي تصاحبه تثير الضيق والانزعاج ، لكنها تزول وتختفي من تلقاء نفسها بعد بضعة أيام ومع ذلك ، فإن إشكالية مرض النزلة الوافدة تتعلق أساسا بمضاعفاته المحتملة التي تشمل : التهاب الرئة (أو الالتهاب الرئوي – pneumonitis) ، التهاب الشعب الهوائية (أو التهاب القصبات – bronchitis) ، التهابات الأذنين ومضاعفات في الجهاز العصبي .
هنالك مجموعات محددة هي أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات النزلة الوافدة وهي تشمل : المسنين ، المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة في الجهاز التنفسي (بما في ذلك الربو – Asthma) ، مرضى القلب ، مرضى الكلى ، مرضى السكري ، المرضى الذين يعانون من نقص خلقي أو مكتسب في جهاز المناعة ، الذين يتعالجون بالستيرويدات (Steroid) أو بالمعالجات الكيميائية (Chemotherapy) ، النساء الحوامل والأطفال حديثو الولادة . هذه الفئات تعاني من ارتفاع كبير في معدل مضاعفات النزلة الوافدة ومن ارتفاع في معدلات الاستشفاء والوفاة جراء المرض ومضاعفاته . ولذا فمن الضروري منع أو تقليل آثار النزلة الوافدة لدى أفراد هذه الفئات قدر المستطاع .
أعراض الأنفلونزا
يظهر مرض الأنفلونزا في بداياته كنزلات برد وانسداد في الأنف ، عطاس والتهاب في الحلق . لكن نزلات البرد تتطور عادة ببطء بينما يظهر مرض الأنفلونزا ويصيب فجأة . وفي حين إن نزلات البرد يمكن أن تشكل مجرد إزعاج عابر ، يولّد مرض الأنفلونزا شعورا عاما سيئا للغاية .
الأعراض الشائعة للأنفلونزا تشمل :
- ارتفاع درجة حرارة الجسم فوق 38 درجة لدى البالغين وبين 39,5 – 40 درجة لدى الأطفال والأولاد
- قشعريرة وتعرق
- صداع
- سعال جاف
- آلام في العضلات وخاصة في الظهر ، الذراعين والساقين
- الشعور بالضعف العام والتعب
- انسداد الأنف
- فقدان الشهية
- الإسهال والقيء عند الأطفال
أسباب وعوامل خطر الأنفلونزا
تنتقل فيروسات الأنفلونزا في الهواء في داخل قطرات صغيرة جدا جرّاء السعال ، العُطاس أو حتى التحدث مع شخص مريض بالأنفلونزا . ويمكن استنشاق هذه القطرات من الهواء مباشرة ، أو يمكن ملامستها من خلال غرض ما مثل جهاز الهاتف ، لوحة مفاتيح الحاسوب ، جهاز الحاسوب نفسه أو غيرها ، ومن ثم نقلها إلى العينين ، الأنف أو الفم .
وتنقسم الأنفلونزا إلى ثلاث مجموعات (أصناف) من الفيروسات هي : A ، B و C :
- الأنفلونزا A – يمكن أن يكون المسبّب الرئيسي لتفشّي أوبئة فتاكة على نطاق عالمي تضرب كل 10 إلى 40 عاما .
- الأنفلونزا B – يسبّب تفشّيا أكثر اعتدالا ومحدودية . فيروسات الإنفلونزا من نوعيّ A و B يمكن أن تكون معا أو على حدة ، المسبّب لانتشار مرض الأنفلونزا الذي يظهر كل شتاء . هذا بينما لم يتم العثور على أي علاقة بين فيروس الأنفلونزا من نوع C وبين ظهور وباء الإنفلونزا .
- الانفلونزا C – هو فيروس مستقر نسبيا ، بينما يمر الفيروسات من نوعيّ A و B بتغييرات دائمة إذ تظهر منها أصناف جديدة على الدوام .
ينتج الجسم أجساما مضادة ضد نوع الأنفلونزا الذي أصيب به ، لكن هذه الأجسام المضادة لا تمنع الإصابة بالمرض من فيروس الأنفلونزا من نوع أخر ، ولذلك يوصي الأطباء بالتطعيم ضد الأنفلونزا سنويا .
الفئة المعرضة للخطر
المجموعات الأكثر عرضة للإصابة بالأنفلونزا هي :
- الرضع والأطفال الصغار
- الأشخاص الذين تجاوزوا سن الـ 50 عاما
- الأشخاص الذين يعيشون في مساكن الإيواء للمسنين أو في دور للرعاية لوقت طويل
- الأشخاص الذين يعانون من مرض مزمن مثل مرض السكري ، أمراض القلب ، الكلى ، أو الرئتين
- الأشخاص الذين يعانون من ضعف جهاز المناعة ، نتيجة لتناول أدوية أو بسبب فيروس نقص المناعة البشرية HIV
- النساء الحوامل خلال موسم الإنفلونزا
- العاملون في مؤسسات علاجية وطبية أو في مكان آخر يُحتمل أن يكونوا معرّضين فيه لفيروس الإنفلونزا
- الأشخاص الذين على اتصال وثيق ودائم مع الرضّع أو الأطفال
الأطفال الذين يتلقون علاجا بالأسبرين على مدى طويل قد يكونون أكثر عُرضة لفيروس الأنفلونزا .
مضاعفات الأنفلونزا
إذا كنت معافى بشكل عام فلن تشكل الإصابة بالأنفلونزا خطرا جديا على صحتك . على الرغم من أنه من المرجح أن تشعر بالضيق والانزعاج الشديدين خلالها ، إلا إن مرض الأنفلونزا يزول عادة دون ترك آثار على المدى الطويل . لكن الأطفال وكبار السن الموجودين في خطر كبير نسبيا ، قد يعانون من مضاعفات مثل :
- التهابات الأذنين
- التهابات الجيوب الأنفية الحادة
- التهابات الشعب الهوائية (القصبات)
- الالتهاب الرئوي
- التهاب السحايا
من بين المضاعفات المذكورة تشكل الإصابة بالتهاب المكورات الرئوية (pneumococci) وهو تلوّث بكتيري خطير في الرئتين ، أكثر المضاعفات شيوعا وخطرا إلى درجة إنه قد يكون مميتا بالنسبة للمسنين والذين يعانون من أمراض مزمنة . ولذا فإن التطعيم ضد الالتهاب الرئوي وضد فيروس الأنفلونزا يوفر حماية مُثلى .
علاج الأنفلونزا
يتم علاج الأنفلونزا بأدوية لتخفيف الأعراض مثل : الأدوية لخفض درجة حرارة الجسم ولتخفيف مُخاطية الأنف والسّعال .
1- العقاقير
قد أُدخل إلى الأسواق مؤخرا عقاران معدّان للحدّ من انتشار فيروس الأنفلونزا في الجسم . هذان العقاران :
- تاميفلو (Tamiflu)
- ريلينزا (Relenza)
فعّالان فقط إذا تم تناولهما في اليومين الأولين من الإصابة بمرض الأنفلونزا ، أو كوقاية بعد التعرض للفيروس .
2- الأدوية
الأدوية المُعدّة لمعالجة فيروسات الأنفلونزا من نوعيّ A و B تعمل من خلال تحييد عمل الإنزيم الذي يحتاج إليه الفيروس لكي يستطيع النمو والانتشار . إذا تم تناول العلاج الدوائيّ بعد ظهور الأعراض الأولى لمرض الأنفلونزا مباشرة فمن شأن هذا أن يساعد على تقصير مدة المرض بيوم واحد حتى يومين .
هذه الأدوية قد تؤدي إلى ظهور أعراض جانبية مثل الدوخة ، الغثيان ، القيء ، فقدان الشهية ومشاكل في التنفس . كما يمكن أن تؤدي أيضا إلى تطوير فيروسات مقاومة للعقاقير المضادة للفيروسات .
في نوفمبر 2006 ، طالبت إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية (FDA) الشركة المُنتجة لدواء “تاميفلو” بأن تضيف على الملصق (Label) المرفق بالدواء تحذيرا موجها للمرضى المصابين بالأنفلونزا ، وخصوصا الأطفال منهم من خطر الإرباك والإضرار بأنفسهم جراء تناول هذا العقار (تاميفلو – Tamiflu) .
تنصح إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية الأشخاص المصابين بمرض الإنفلونزا الذين يتناولون دواء تاميفلو (Tamiflu) بالبقاء تحت مراقبة دائمة من أجل الكشف عن بوادر تشير إلى سلوك غير عادي . وفي كل الأحوال يوصى باستشارة الطبيب دائما قبل الشروع في تناول أي دواء بشكل عام ، أو دواء مضاد للفيروسات بشكل خاص .
الوقاية من الأنفلونزا
إن أفضل طريقة لمعالجة أضرار ومضاعفات الأنفلونزا هي الوقاية من المرض .
لكن لا يمكن الوقاية من الأنفلونزا بواسطة تطعيم لمرة واحدة ، بل يجب الحصول على اللقاح (vaccine) ، سنويّا لكي يناسب أصنافا جديدة من فيروسات الأنفلونزا .
من المهم تطعيم الأشخاص المعرضين للخطر قبل حلول فصل الشتاء (في شهريّ سبتمبر- أكتوبر) .
كما يوصى أيضا بتطعيم كل من :
- البالغين الأصحاء الذين تتجاوز أعمارهم الـ 50 عاما
- النساء اللواتي يتوقع أن يدخلن في الثلثين الثاني أو الثالث من الحمل خلال موسم الأنفلونزا
- العاملين في مجال الصحة
ليس هنالك أي مانع ، بل بالعكس يجب تشجيع تطعيم الأطفال والأشخاص الذين لا ينتمون إلى الفئات الأكثر عرضة وخصوصا الأطفال الصغار الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر حتى سنتين نظرا لاحتمال تعرضهم هم أيضا لمضاعفات الأنفلونزا .
أنواع اللقاح
هنالك نوعان من اللقاحات :
- لقاح مقتول الفيروس (Killed virus vaccine) : الذي يحتوي على فيروس الأنفلونزا نفسه مقتولا ، وهو التطعيم الأكثر قبولا اليوم ويعطى بالحقن
- لقاح فيروس الإنفلونزا الحيّ الموهن (live attenuated virus) : يحتوي هذا اللقاح على الفيروس نفسه حيا ، لكن موهَنا وهو لقاح قيد التصديق والترخيص النهائيين وتكمن أفضليته في إنه يُعطى كرذاذ للأنف بحيث يُتَلافى الضيق الناتج عن الحقن
نجاعة اللقاح
نجاعة اللقاح عالية جدا (70% – 100%) وهناك تطابق بين أصناف اللقاحات وأصناف المرض في الموسم المعني وتنخفض النجاعة (40% – 60% تقريبا) في حال عدم وجود تطابق كهذا أو عند إعطاء التطعيم لكبار السن والأطفال الرضع مع إن النجاعة ضد مضاعفات المرض تبقى مرتفعة حتى في هذه الحالات أيضا .
اللقاح لا يسبب الأنفلونزا . تأثيراته الجانبية بسيطة وسريعة الزوال لكنه ليس مناسبا للأشخاص الذين لديهم حساسية للبيض .